الأحد، 27 فبراير 2011

الاحزاب الاسلامية و التجربة التركية

اختلفت ردود الافعال في الاوساط السياسية و الفكرية بعد صدور حكم مجلس الدولة بالسماح بتأسيس حزب الوسط ، و رغم أن كاتب هذة السطور لا ينتمي سياسيا إلي حزب الوسط لكني فرحت بهذا القرار التاريخي الذي اثبت فعليا أننا في طريقنا إلي تجاوز و نسيان ضيق الحياة السياسية المصرية قبل ثورة 25 يناير ، الذي لم يكن يسمح لاي تيار سياسي جاد أو من الممكن لة أن يكون بديل عن استبداد الحزب الوطنى الحاكم و فزاعة جماعة الاخوان المسلمين أن يخرج للنور ، و أن يعمل فوق الارض .

ورغم ذلك فوجئت بردود فعل سلبية من شريحة كبيرة من التيار العلماني تجاة حزب الوسط بل و خلط كبير بينة و بين جماعة الاخوان المسلمين "فكريا" ، و درات العديد من النقاشات حول كيف نطالب بدولة مدنية ديمقراطية و يكون هناك أحزاب لها مرجعيات إسلامية .


و يعاني أصحاب هذا الرأي من خلط كبير و عدم فهم لطبيعة التيارات الاسلامية المتنوعة التي تقدم نفسها علي الساحة السياسية و يمكننا أن نضع تقسيم لهذة التيارات علي النحو التالي :-
* ديكتاتوريات عسكرية و أسر حاكمة تتبعها مؤسسات دينية رسمية "و هو التحالف التاريخي بين الاستبداد و الكهنوت" و تقوم فية الموسسة الدينية الرسمية عن طريق مفتيها و باقة من ألمع رجال الدين فيها بصياغة ما يمكننا تسميتة اسلام الدولة الرسمي ، و تعمل الموسسة الدينية على الانقضاض علي التعليم و اجهزة الاعلام بمباركة السلطة لصياغة التوجهات و فقا لظروف الدولة و أحوالها .

و نماذج هذا النوع ثلاث (الاسلام المصري ، الاسلام السعودى ، الاسلام الايراني) الاسلام المصري شهد تحالفا بين مؤسسات الحكم" خاصة بعد يوليو 1952" و بين المؤسسة الدينية و هي الازهر ، و قد أخذت المؤسسة الدينية علي عاتقها تبرير سياسات الدولة من الحقبة الناصرية و بدأ الترويج لفكرة أن الاسلام يدعو للاشتراكية ، ثم التحول إلي سياسات الانفتاح الاقتصادي" إن خلقناكم فوق بعض درجات" ثم السلام مع اسرائيل "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله" و قد وضح الدور الذى تقوم بة هذة المؤسسة و هو اضفاء نوع من الشرعية لسياسية الدولة المفتقدة للشرعية و الرضا او القبول الشعبي.
الاسلام السعودي او البترودولار و رغم بدائية هذا النوع من" الاسلام الرسمي " و ضعف أسسة الفكرية الا أنة مدعوم بشكل كبير للغاية سواء في الداخل أو الخارج بقوة الورق الاخضر القادم من بلاد العم سام و قدرتة علي الاغراء ، و الفكرة الاساسية التي يقوم عليها هذا النوع في دعمة للاستبداد هي "القرآن دستورنا" و هذا ما يمنع وجود دستور بشري فيتحول الامر لحكم "سموة" المطلق الفردي ولا يستطيع أحد أن يحاسبة .

الاسلام الايراني و هو أيضا نوع من البترودولار لكنة يتميز بأسس فكرية أقوي من النوع السعودي و لكن عائقة الوحيد هو تشيع هذا النوع من الاسلام ، تقوم عقيدة هذا النوع علي "ولاية الفقيه" ، و هي نوع كهنوتي يقوم علي الصياغة الدينية لسياسات الدولة العليا و أن يقوم بتنفذها من يرضي عنة الفقية أيضا .

و يمكنك أن تجد في كل بلد عربي او اسلامي هذا النوع من " الاسلام الرسمى " بعد أن تقوم الدولة بتطويرة وفق مصالحها و خصوماتها .

*اسلام تكفيري تفجيري جهادي و هذا النوع العنيف الدموي الذي لا يعرف الا لغة الدم و القتل و هذا النوع لا يعترف الا بــ"الحاكمية" ، يكفر كل شي ودون نقاش دون عقل لا يعرف التبرير و لكن يعرف كيف يصنع القنابل و يرتدي الحزام الناسف ، إنه إسلام يئس إلى حدود العدمية من بلوغ أية أهداف أو تحقيق أية برامج بأي أسلوب أو منهج غير أسلوب ومنهج التكفير والتفجير الإرهابي الانتحاري شبه الأعمى، ولتكن النتائج مهما تكن حتى لو انعكست تدميرا على الإسلام عموما، وعلى الإسلام التكفيري نفسه تحديدًا.

و هذا النوع الطالباني الاصولي المدمر قد قام بالكثير من العمليات الارهابية في مصر و الجزائر و غيرها من البلدان ، و كانت أشهر و أقوي هذة العمليات هي هجمات 11 سبتمبر علي الولايات المتحدة .

* النوع الثالث هو اسلام الطبقات الوسطي و يتميز هذا النوع بكونة حيوي و معتدل و فاعل الي حد كبير في المجتمع محب للحياة يكرة العنف يهتم بالتجارة و الاستثمار و الزراعة و الصناعة يهتم بالاسواق و البنوك ، و رغم كون هذا النوع محافظ الا انة متسامح الي حد كبير و يميل الي الاستقرار و السلام و غير مصاب بالهوس الدينى و لا يسعي للتفتيش في ضمائر الاخرين ، رؤيتة للدين أوسع و أكبر من مجرد الحدود و العقوبات الجسدية ، يؤمن بدور الفن و الموسيقي في المجتمع و لا يحرمهما ، هذا النوع لا يصارع العالم و لا يري في الحضارة الغربية أنها حضارة الجنس و الافخاد بل يتعلم منها و ينقل من معارفها و يسعي أن ينافسها .

هذا النموذج الثالث نجدة في حزب العدالة و التنمية التركي الحاكم ، و المفارقة الجيدة في هذا النموذج التركي أنة في بلد كان عاصمة للخلافة الاسلامية ثم تحول الي بلد تحكمة ايديولوجية علمانية صريحة و يصل الي حكمة حزب يعلن انتماءة الاسلامى صراحة في انتخابات نزيهة و دون أن تحدث أي صدامات كما حدث بالجزائر .

و من المفارقات الرائعة لهذا الحزب أنة عندما وصل الي السلطة لم يسعي لتشكيل لجان الامر بالمعروف و النهي عن المنكر بل حافظ على الدولة الكمالية العلمانية و علي مؤسساتها و عمل بجهد لكسب مزيد الاصلاحات علي كل المستويات ، و لم يتحول المجتمع التركي في عهدة الي مجتمع ديني بل زادت سلطة المجتمع المدني ، و احترام حقوق الانسان ، و خاض الحزب معارك من أجل استفلال القضاء ، و تدعيم حرية الرأي و الديمقراطية .

و عن الاداء الاقتصادي لتركيا فحدث ولا حرج عن القفزة الجبارة لتركيا في عهد هذا الحزب و تحول تركيا لقوة اقتصادية عظمي و ارتفاع مستوي دخل الفرد و انحسار البطالة .

و رغم أن حزب العدالة و التنمية هو صاحب الاغلبية الحقيقة و الاصلاحات الواقعية للاتراك لم يسعي يوما الي الارتداد للخلف و لم يخرج علينا أردوغان يقول لنا أن الشوري أفضل من الديمقراطية ، أو أن نعادي الثقافة الغربية بل بالعكس يسعي الحزب بكل قوة الي الدخول في الاتحاد الاوربي و الي توطيد علاقاتة بالشرق و الغرب .

و يبقي شعار الحزب التركي الاسلامي هو" المزيد من الاصلاح و التحديث" .
حزب الوسط الاسلامي المصري الذي يحاول محاكاة حزب العدالة و التنمية التركي و يقدم برنامج حزبي محترم ، كيف يمكن أن نرفض هذا الحزب و نتحدث بسخف عن مرجعية دينية ، ألا يوجد بأعتي الدول الديمقراطية أحزاب مسيحية أليست انجلا ميركل المستشارة الالمانية تنتمى الي حزب مسيحي .

لابد لنا أن نترك طرق تفكيرنا القديمة تذهب مع النظام البائد فالواقع السياسي قد تغير و الاسلاميين أو الفزاعة كلمة مطاطة و غير صحيحة و قد كشفت ثورة 25 يناير عن كثير من الحقائق السياسية التي حاول نظام مبارك أن يخفيها عنا بشتي الصور .

فتح القنوات الشرعية للسياسية المصرية و ظهور احزاب كالوسط و غيرة كفيل بأن يقضي علي التيارات المهوسة دينيا و ينهي علي نظرية إما التأسلم أو اللاشي التي جعلتنا نعاني بسببها لعقود طويلة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق