لا أحد يستطيع أن ينكر أن النظام الذي طالبنا جمعيا بإسقاطة هو أكثر من مجرد نخبة سياسية فاسدة تحكم البلاد ، أو طبقة من اللصوص في زيي رجال أعمال ينهبون الثروات الأقتصادية ، أو حفنة من المنافقين تتصدر المشهد الأعلامي و الثقافي ، النظام الفاسد هو نحن جميعنا ، النظام الفاسد هو حاكم مستبد و محكوم ارتضي الأستبداد ، الزمن لا يعود للوراء لكن الأستبداد يستطيع أن يخطو للأمام و يسبقنا جميعا و ينتظرنا في المستقبل .
ثلاثة أشياء في هذا الوطن تستحق الثورة سبورة الفصل ، و منصة القضاء ، و صندوق الأنتخابات ، التعليم و العدل و الديمقراطية .
1ــ التعليم
أهم أداة من أدوات تكوينِ و بناء الإنسان ، و يتم في هذة المرحلة غرس كل المهارات و القيم و امكانات و قدرات و توجهات العمل و التفكير و الأبتكار .
ولا شك أن النكسة السياسة و الأستبداد في الحكم لا يسمح بوجود تعليم قوى ، فالقائم علي الأستبداد لا يهتم بالتعليم و يسعي للقضاء الفعلي علية ، فالتعليم هو القنبلة الموقوتة التي لا يمكن لاي عاقل أن يظبطها و يجلس بجوارها بانتظار انفجارها !! .
و جميعنا يعرف كيف هو حال التعليم في بلادنا ، فالتعليم كالنظام السياسي كلاهما ينتمي إلي القرون الوسطي! ، مشكلة التعليم ليس في مجانيتة أو مصروفاتة كما يتحدث البعض باستخفاف إنما الكارثة الحقيقة في نوعية هذا التعليم ، تقوم فلسفة التعليم في مصر علي ركيزتين هما التلقين و إختبارات الذاكرة .
و هذا النوع من التعليم لا يصلح إلا لتخريج موظفين عموميين لا يجيدون إلا طاعة الأوامر و حفظ الأوراق كأنهم أرشيف وظيفي بشري ، و لا لوم عليهم فهم
مُنْتِجِ تعليمي .
و لابد أن يكون تطوير التعليم علي خمس محاور كالتالي:-
*فلسفة تعليمة : و تقوم علي الإبداع و حرية البحث العلمي و الإيمان بالديمقراطية و المواطنة و تعددية الحياة و المعرفة و العمل الجماعي و القدرات اللأمحدودة للموارد البشرية .
*مقرر دراسي : و يكون هدفة الربط بين التعليم و بحوث التكنولوجيا التي تهدف لخدمة الحاضر والمستقبل القريب و خدمة المجتمع و تلبية احتياجاتة .
*المدرس : و علية أن يكون رجل تربوي يجيد التعامل مع طلابة و هم في مراحلهم المختلفة من الطفولة و حتي المراهقة بأسلوب صحيح دون تزمت ، بالأضافة لتأهيلة علميا بشكل سليم و إعتمادة عن أساليب التدريس الحديثة و الخلاقة كالمناقشة و الحوار ، و أيضا الأرتقاء بمستواة المعيشي حتي يتمكن من بذل الجهد داخل المدرسة .
*الطالب : و الطالب هو العنصر الذي لابد من أن تتجاوز اهتمامنا بة إلي ما هو أكثر من اهتمام تعليمي أو معرفي ، فالطالب أو التلميذ و هو في سن صغير يحتاج لرعاية نفسية و اجتماعية ، فهو يجتاز مراحل نفسية و عمرية مختلفة تتطلب اهتمام كبير .
*المدرسة : و لابد لها أن تكون علي أفضل ما يرام حيث البناية الجيدة و الشكل الجمالي و المساحة الواسعة التي يتمكن فيها الطالب من ممارسة الانشطة ، و الفصول جيدة التهوية و المقاعد اللائقة .
و مسألة إصلاح التعليم هي مسألة تراكمية بالأساس تحتاج إلي وقت وصبر دون النظر إلي اختلاف الحكومات و توجهاتها المختلفة فهذة أسس لا خلاف عليها .
2 ــ العدل
العدل أساس المُلك ، العدل هو القيمة السامية التي تطمح إلي تحقيقها كل القوانين و الشرائع منذ بداية الإنسانية ، و يمكن أن نلخصة في إعطاء كل ذي حق حقه ، و المجتمع الذي تغيب فية شمس العدل يتحول إلي غابة حيث لا صوت يعلو فوق صوت القوة .
و يعتبر القضاء دائما هو رمز تحقيق العدل في أي مجتمع ، و يعكر صفو العدل في بلادي ثلاث أشياء علي النحو التالي :-
*تأخير تحقيق العدل : العدل البطيء هو ظلم ، فقد يتسبب البطء في تحقيق العدل إلي وقوع مزيد من الضرر علي شخص متضرر بالأساس ، أو قد يتسبب في دفع المظلوم إلي ما لا يحمد عقباة .
و هناك مثل مصري يلخص الوضع بقولة "المحاكم حبالها طويلة" ، و لنضرب مثال بسيط علي ذلك و لنفرض أن هناك نزاع تجاري أو مالي بين مجموعة أشخاص و تنظر القضية في المحاكم لمدة تتجاوز العشر سنوات ، فهل يمكن لشخص متضرر أن يصبر طول هذة المدة و كيف يُعقل أن يتحمل تكاليف المحاماة و تكاليف حياتة العادية مع العلم أنة من الممكن أن تكون الأموال محل النزاع هي مصدر الدخل الوحيد لهذا الشخص !! ، هل إذا سرق هذا الشخص أو ارتشي أو حاول أن يدفع الظلم الواقع علية بالقوة نستطيع أن نلومة ...؟! .
*عدم تنفيذ أحكام القضاء : و هو الضلع الثاني في مثلث الظلم ، فقد تسطيع أيها الشخص المتضرر في الحصول علي حكم قضائي ينصفك "بعد أن تتجرع مرارة الانتظار!" ثم لا ينفذ هذا الحكم ، ليتحول انتظارك المرير إلي انتصار ضرير ، كلمات ذات وقع جيد علي أوراق رسمية .
و توجد أمثلة حية صارخة علي عدم تنفيذ الأحكام منها قضية وقف تصدير الغاز المصري لأسرائيل ! بغض النظر عن موقفك من تصدير الغاز لكن ألا يوجد حكم قضائي واجب النفاذ بوقف التصدير !! ، لماذا لم ينفذ حتي الأن خاصة في جود حكومة الثورة ؟!!! .
*مقاضاة المدنيين أمام محاكم عسكرية : و يمثل هذا النوع من المحاكمات الهزيلة "لعدم معرفة القاضي العسكري بالقانون المدني!" كارثة لابد من إيقافها فوراً ، فالقاضي لا يعرف أبجديات القانون فأي عدل ننتظرة إذن! ، القضاء العسكري يختص فقط بمحاكمة العسكريين و القضاء المدني لمحاكمة المدنين .
و من الأمثلة الفجة علي هذة المحاكمات ما تعرض لة أبناء التيار الأسلامي "باختلاف التوجهات" من محاكمات عسكرية .
استقالالية القضاء و ضمان اجواء المحاكمة العادلة لكل فرد أمام القاضي المختص لهي من بديهيات إصلاح القضاء .
3 ــ الديمقراطية
و يمكن تلخيص العملية الديمقراطية في ثلاث مراحل
* مجيء الحكام للسلطة بطريقة ديموقراطية .
* أن يمارس الحكام الحكم مع إلتزام كامل بالقواعد الدستورية و القانونية و أن يكونوا من جهة ثانية يحاسبون أو أن يكونوا قابلين للمحاسبة .
* أن يتركوا السلطة بطريقة ديموقراطية .
و حتي تتم العمليات الثلاث بنجاح لابد من وجود مؤسسات الديمقراطية المتمثلة في منظمات المجتمع المدني .
صندوق الانتخابات هو القطار المتجهة إلي مدينة الديمقراطية ، لكنة ليس كل الديمقراطية ، و حتي يستقيم الصندوق لابدمن وضع سياسيات وبناء منظمات التي هي آليات الحياة الديموقراطية وتفعيل دور المجتمع المدني و يوازي ذلك إصلاح اقتصادي و اجتماعي و اعلامي حتي لا يقع الناخب فريسة سهلة لأساليب التضليل السياسي .
ولابد من القبول بدمج جميع التيارات السياسية في العملية الديمقراطية فوجود المؤساسات كفيلة بكسر فكرة الانقضاض علي الديمقراطية من أي تيار سياسي يصل إلي سدة الحكم و يحاول إقصاء باقي التيارات .
و لنأخذ مثال علي هذا بتركيا التي يحكمها حزب بجذور اسلامية فهو لا يستطيع الأنقضاض علي الديمقرطية فى ظل وجود المؤسسات القوية كالقضاء و الجيش و منظمات المجتمع المدني "رغم نضج الحزب فكريا بشكل كبير" .
و قد تكون للديمقراطية أخطاء لكن أخطاء الديمقراطية تعالج بمزيد من الديمقراطية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق